غزة أرض الحياة

لن تستطيع كلمات أن تختصر ما تشعرت به و أنت موجود في غزة في هذه الأيام الصعبة لكن شعب غزة الصامد قرر مواصلة الحياة التي أراد أن يعيشها في أصعب ظروفها و قرر أن يكون أقوى منها.

تجولت كاميرا بركة بتس في شوارع وأسواق غزة في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرض لها القطاع من قبل الاحتلال الاسرائيلي، فتارة تسمع قصفاً هنا أو تدمير بيت على رؤوس ساكنيه هناك ولا يكاد يخلو حي في القطاع إلا وتعرض للقصف عوضاً عن المجازر التي تفجع القلوب.
في غزة يعيش المواطنين حياة غير عادية فمعظم الناس يفضلون عدم التحرك إلا للضرورة بسبب تعطل مرافق الحياة الرئيسية في القطاع، غير أن البعض يحاول الخروج في ساعات محدودة متحدياً بعض الضغوطات التي تمارس عليه من قبل عائلته أو أصدقائه خوفاً على حياته، أجرينا بعض المقابلات مع المتواجدين في الشوارع والأسواق.

محمد الزيتونية 40 عام يسكن في حي تل الهوا يجلس في الشارع أمام منزله مع مجموعة من الجيران وحوله مجموعة من الأطفال يلعبون كرة القدم، يرى بأن الأطفال يرغبون باللعب خاصة بأنهم في اجازه صيفية ويوجد وقت فراغ كبير عندهم، يقول نتواجد حولهم رغم أننا نعلم بأنه خطر أن نتجمع بهذا الشكل لأن العدو يقصف كل التجمعات.
الشاب محمود كحيل 24 عام أحد لاعبي كرة القدم في ملعب برشلونة، يقول تضرر ملعبنا نتيجة قصف شقة سكنية بالقرب منه، فقمنا بتنظيف جزء من الملعب ونحن الآن نلعب الكرة كما ترون ولا نزال نرى الطائرات في السماء وأصوات الافجارات لا تتوقف.
أما خليل الحلو 35 عام، صاحب محل في سوق الزاوية في وسط مدينة غزة، يقول منذ ولادتي وأنا اسمع القصف وأشاهد الدمار، فنحن شعب تعودنا على الحروب المتتالية، ويضيف بأنه فقد عدد من أصدقائه منذ عدة أيام في قصف استهدفهم، و يضيف يتواجد الناس في الأسواق بشكل أقل من الطبيعي ولكنهم هنا لشراء حاجياتهم الأساسية.
رامي الهسي بائع فاكهة يقول بأن حركة الناس في الأسواق ضعيفة، وموسم الفاكهة لهذا العام غير جيد، فالكثير من الناس يكتفي بالاحتياجات الأساسية نظراً لعدم رغبة الناس في الكماليات في ظل العدوان.
الطفلة نور 13 عام تقول بأنني في ظل القصف أنزل للشارع للعب مع صديقاتي لعبة الحجلة، وهي لعبتي المفضلة، حيث نقضي وقتاً ممتعاً وبدون أن نشاهد التلفاز لأنه يعرض مشاهد مؤلمة.

لن تستطيع كلمات أن تصف بدقة ما يمر به أهلنا في غزة، هذه الصور قد تبدو أنها تعكس مظاهر عادية للحياة هناك لكنها أيضاً لم تتعد كونها لحظات مرت سريعاً عند التقاطها فإما غارة جديدة تزهق المزيد من الضحايا أو دوي صوت طائرة تلحق الأذى بما بقي من منازل، هذه الصور هي صور تعكس إرادة الصمود أكثر من كونها تعكس تفاصيل عادية، هي صور لمن بقي هناك يريد أن يسرق لحظات من الحياة ممن يريد أن يسلبهم إياها.