قسنطينة وهل احتاجت أن تُختار عاصمة للثقافة العربية لتعشقها أكثر؟

ثالث أكبر مدن الجزائر. قسنطينة، إحدى عجائب الشمال الجزائري. بَنَتها الطبيعة، وشذبها الإنسان. عبر الزمن، شق وادي الرمال خندقاً عميقاً حول نتوء صخري قاسٍ، خالقاً قلعة طبيعية سكنت لأول مرة في العصر الحجري الحديث. سيرتا كما سميت في عصر المملكة النوميدية، بعد أن جعلها  الأمازيغيون النوميديين عاصمة مملتكهم. دخلت تحت سلطة الرومان سنة 311، وأعاد الإمبراطور قسنطنطين بناءها عام 313 م. واتخذت اسمه وصارت تسمى القسطنطينة أو قسنطينة. دخلها المسلمون ثم عادت المدينة للأمازيغ عن طريق الإمارات الأمازيغية الإسلامية  ومنها الزيريون ثم الحماديون و الموحدون.

 وبعد سقوط الأندلس استوطن الأندلسيون المدينة كباقي مناطق شمال أفريقيا. دخلها الفرنسيون عام 1837. على ارتفاع 200 متر، تعلوها الجسور التي تجاوزت الثمانية، أشهرها جسر سيدي راشد هو أعلى وأضخم جسر حجري في العالم.

قسنطينة التي اختيرت عاصمة الثقافة العربية هذا العام، بكل احتفالات السعادة فيها بدأت قبل يومين. هي المكان الشخصية، بطل رواية أحلام مستغانمي الأجمل، ليس خالد بن طوبال أو عشيقته الجميلة. ليست باريس بالطبع، هي قسنطينة، وبكل ما يحمله الاسم من دفء جدٍّ حنون. 

وفي قسنطينة، ولترى المدينة بعيون الحروف، إليك أجمل ما كتبت فيها مستغانمي في روايتها الأشهر:

“كنت أشهد تغيرك المفاجئ، وأنت تأخذين يوماً بعد يوم ملامح قسنطينة، تلبسين تضاريسها، تسكنين كهوفها وذاكرتها ومغاراتها السرية، تزورين أولياءها، تتعطرين ببخورها، ترتدين قندورة عنّابي من القطيفة، في لون ثياب “أمّا”، تمشين وتعودين على جسورها، فأكاد أسمع وقع خلخالك الذهبي يرنّ في كهوف الذاكرة”.

” صباح الخير قسنطينة.. كيف أنت يا جسري المعلق.. يا حزني المعلّق منذ ربع قرن؟”.

” ولكن قسنطينة مدينه تكره الإيجاز في كل شيء .

إنها تفرد ما عندها دائما .تماما كما تلبس كل ما تملك. وتقول كل ما تعرف .

ولهذا كان حتى الحزن وليمه في هذه المدينة .”

” قسنطينة..

كيف أنتِ يا اميمة.. واشك؟

أشرعي بابك واحضنيني.. موجعة تلك الغربة.. موجعة هذه العودة”.