مدابغ الجلود في فاس: سحرٌ يغوص في الألوان

في قلب المدينة القديمة بفاس، تقع منشأة قديمة لدبغ الجلود. هناك يعمل مئات العمال منذ أجيال في عملية تحويل جلود الأبقار، الجمال، الماعز، والخراف إلى أحذية، معاطف حقائب، وغيرها من المنتجات التي تباع محلياً ويصدّر بعضها. رغم كونه معلماً سياحياً معروفاً، إلا أن هذه المدابغ ليست لأصحاب المعدات الضعيفة، نتيجة حموضة وصعوب ابتعلاع رائحة محلول أحواض الدباغة التي تعالج فيها الجلود.

في البداية، يُنقع الجلد في محلول هو مزيج من بول الأبقار، الملح والجير. هذا الخليط الحمضي يعالج الجلود متخلصاً من الدهون والشعر، مفتتاً قوامها القاسي. بعد تجفيفها، تعالج الجلود مرة أخرى في مزيج من الماء وفضلات الحمام. يستخدم العمال أيديهم وأقدامهم العارية واقفين في الأحواض ليدوسوا الجلود بعض ساعات لجعلها أكثر نعومة. تصبغ الجلود في أحواض أخرى عبر أمزجة ألوان تتكون من مواد نباتية طبيبعية، يأتي اللون الأصفر من الزعفران، والأزرق من نبتة النيلة مثلاً. أخيراً، تفرد في الشمس لتجفف، لتدخل مرحلة تصنيعها كمنتجات لاحقاً.

يصعد كثير من الزوار إلى أسطح المحلات المحيطة بالمدبغة ليشاهدوا المنظر من أعلى، تبدو العملية أكثر سحراً وأقل مادية مع كل الألوان ومزيج الروائح النفاذ. بعض السياح يكون محظوظين ليحصلوا على جولة خاصة ضمن المدابغ قريباً من الأحواض العمال ومواد التصنيع الخام. في هذه العملية الفوضوية، حيث تكون الأرض زلقة وغير مستوية لتساعد العمال على التنقل ضمن الأحواض، على الزوار أن يحضروا أنفسهم لكثير من التسلث والحذر كي لا يزل أقدامهم ويقعوا في أحواض معالجة الجلود.

زيارة المدابغ هي دون شك تجربة فريدة، خاصة لهؤلاء ممن لم يشهدوا قبلاً عملية إنتاج الجلود عن قرب ومن منظار شخصي. تجربة يجب ألا تفوّت لهؤلاء ممن يتوقون لزيارة المغرب.

المصدر: moroccoworldnew