زها حديد .. “من يجرؤ على التحدي.. يفوز”

هي ببساطة تمثيلٌ حقيقيٌ لما يدل عليه إسمها.. زهاء وتألُقٌ وضوء، وهي ربّة في مجالها، الفن والعمارة الهندسية. بدأت العراقية زها حديد مسيرتها في مجال العمارة الهندسية بعد أن التحقت بالجمعية المعمارية في لندن، إلا أن الفن والرسم كان موهبة من المواهب التي حملتها معها منذ طفولتها. أرادت منذ بداياتها في الهندسة أن تجمع هوايتها الفنية مع مجال عملها في الهندسة، فبدأت برسم اللوحات الخيالية المليئة بالتداخلات والإنسيابات، وصممتها بالكامل لتكونَ مشروع عمارة حقيقي قابلٍ للتنفيذ، إلا أنها حوربت في بداية طريقها، واعتُبرت تصاميمها من المشاريع التي لا يمكن تنفيذها.

حتى أنها فازت في بداياتها بمسابقة لتصميم أوبرا خليج كاردف، وبعد أن صممته، مُنع هذا المشروع من التنفيذ، وقد عبّرت زها حديد عن ذلك فيما بعد بقولها أن هذه الحادثة كانت من أكثر الأوقات كآبة في تاريخ عملها. إلا أن إيمانها العميق بأن تصاميمها ستشهد النور في يومٍ من الأيام هو ما أبقاها على الطريق الذي اختارته لنفسها.

تمتاز تصاميم زها حديد بتطرفها واختلافها واستثنائيتها، مليئة بالخيال والمثالية والعجائبية، لم تشهد العمارة في تاريخها المعروف أي صورة تشبهها، فيها فرادة خاصة ومليئة بالجرأة والتحدي. حاولت زها فيها إدخال كل ما في مخيلتها من صور وأشكال، وقوبلت بالضيق الذي كان يلفّ الوسط المعماري في عهدها، والذي كان يطمر أي إبداع غير مألوف. فبالنسبة لزها، فقد رأت بأن علينا تغيير التعريف التقليدي عن المبنى والعمارة، لأنه فقط حينها ستختلف النتائج المعمارية التي كنا نظنها لفترة طويلة ثابتة وغير قابلة للتغيير. وبذلك، فعندما ننظر إلى أعمالها، نشعر بأنها عائمة في الهواء، وكأنها غير خاضعة لأي شكل من أشكال الجاذبية، يظهر فيها الحديد المستخدم في معظم أعمالها وكأنه حرٌ من ثقله وخفيف، وكأنه ببساطة غير مكوّن من مادة صلبة وقاسية. وتمتاز أغلب تصاميمها بالإنحناءات والإلتواءات الغير قائمة ولا الأفقية، بل مائلة وسائبة، لذلك فإن استقرارها الحقيقي على الأرض، وتحولها إلى واقع مُعاش هو ما جعلها تُعتبر من أكثر التصاميم في تاريخ العمارة دهاءً وبراعة، وهو ما جعل زها واحدة من أهم المعماريين في التاريخ.