موسم أصيلة الثقافي … ملاذٌ لمحبي الفنِ من رسمٍ وموسيقى وشعر

أهلاً بكم في أصيلة! هذه المدينة المغربية القديمة، ذات الطابع الأندلسي، والمقامة على شاطئ المحيط الأطلسي.

أصيلة، مدينة البحرِ والفنِ، ومدينة الألوان الثلاثة، الأزرق والأبيض في ألوانِ البيوتِ والسماءِ والجدرانِ والماء، والبنيُ في حجارة المدينة، وصخورِ المحيطِ، .والشبابيك الخشبية، والعربات التي تجرها الأحصنة في الأزقة والحواري، وجلود الصنادل والشنط المعتقة والمتدلية من حوانيتِ الدباغة

طغت هذه الألوان الثلاثة على المدينة لفترة طويلة من تاريخها، إلى أن توجّت قبل 38 سنة، أي في عام 1978م، كمدينة للفن والفنون على يد الفنان المغربي محمد المليحي، وعلى يد ممثل مدينة أصيلة في البرلمان المغربي آنذاك، محمد بن عيسى، والذي كان مولعاً بالفن والثقافة، حيثُ قاما معاً بتأسيس “موسم أصيلة الثقافي” بعد أن قاموا بدعوة الفنانين من كافة أنحاء العالم لينثروا ألوانهم على جدران المدينة وجدارياتها. فتمازجت تلك الألوان الثلاثة بباقي ألوان الطيفِ الأخرى الآتية مع فنانيها من خلفِ حدودِ البحار والصحاري.

يأتي موسم أصيلة الثقافي في شهر آب/أغسطس من كلِ عام، ويستمر لمدة أسبوعين، تضج المدينة خلالهما بالرسامين الذين يجدون فيها ملاذاً لراحتهم، وملجأً فارغاً يسعُ إبداعاتهم، فيلقون على جداريات المدينة أفكارهم ملّونة. وفي ليالي الموسم، تتداخل هذه الألوان مع كلماتِ الشعراءِ، وألحان الموسيقيين، الملقاة والمعزوفة في الهواء الطلق أمام ماءِ المحيط في ساحة “القمرة”، والخارجة من أفواهٍ وآلاتٍ موسيقية آتية من مختلف بقاع العالم. وبذلك، تصبح أصيلة في أيام الموسم الثقافي ملتقىً ثقافياً يأتي إليه الفنانون من رسامين وموسيقيين وشعراء بثقافاتهم وتراثهم ليعرضوه على جدران المدينة وليصدحوا به في أفقها، وغالباً ما تلتقي هذه الثقافات مصادفة، لتثبت أنها ليست إلا ثقافة عالمية واحدة، فمثلاً ترى فناناً فيليبينياً أتى ليرسم ويتباهى بزهرة بلاده الشعبية، السامباغيتا، فيراها شاميٌ ليدرك أنها ليست إلا ياسميناً!

تُقام أيضاً في أيام الموسم ورشات عملٍ فنية لأطفال المدينة والأطفال الزائرين لتزيد من علاقتهم بالفن، وتساعدهم على الإبتكار الفني، بحيث تقدم هذه الورشات أفكاراً فنية جديدة. وعادةً ما يلي هذه الورشات معرض لللوحات التي أنتجها الأطفال.

ينتهي الموسم، ولكن تبقى أصيلة لمدة عامٍ كامل معرضاً فنياً للجداريات التي أبدعها الرسامون خلال الصيف، وتبقى تنتظر أيضاً كلّ صيفٍ مقبل لتشهد فيه إبداعاً جديداً على جدرانها.