الفنانة الفلسطينية رائدة سعادة تحرز المركز الثالث في مسابقة بينالي

بقدرتها على تأكيد الوجود في الفراغ، وتجريده من معاني العدم التي يحملها فهمنا له، استطاعت الفنانة الفلسطينية رائدة سعادة من مدينة أم الفحم أن تحرز المركز الثالث، وتحوز على الجائزة البرونزية في مسابقة بينالي الإيطالية، وذلك من بين 40 فنانة عالمية قدموا من كل أنحاء ودولِ العالم من أمثال الأمريكية كيث سميث، والإيرانية شيرين نشأت، والفنانة العالمية المشهورة مارينا أبراموفيتش، وغيرهن العديد من الفنانات. لتكون هي، رغم كونها أصغرهن عمراً، الثالثة فنياً بعد الفنانة الفنلندية كارينا كايكونين التي حصدت المركز الأول في المسابقة، والفنانة الهندية مونالي ميهر التي حصدت المركز الثاني فيها.

أما العمل الذي فازت به، فهو مقطع فيديو ابتكرته في عام 2007 واسمته “فراغ” أو ما يعرف بـ “المكنسة الكهربائية”. فيه تستخدم شاشتين، الأولى تظهرها من بعيدٍ كنقطة سوداء في فراغِ المساحات الشاسعة من جبال أريحا والبحر الميت الفلسطينية، والثانية تعرضُ الفنانة عن قربٍ وهي تكنسُ هذا الفراغ بمكنسةٍ كهربائيةٍ.. تكنسُ وجوداً هائلاً لجبالٍ تبدو كأنها “فارغة”. صوتُ هذه المكنسة يختلط بأصواتِ الرياح التي تهبُ من بين التلال المتلاحقة ليكوّنا معاً موسيقى تصويرية خاصة بمقطع الفيديو هذا.

يحمل هذا العمل معانٍ ومدلولات مختلفة، منها ما يمكن تفسيرها بالشكل الآتي: فالفراغ بحد ذاته وجود، وبالتالي فلا وجود للفراغ. فلا أحدٌ من البشرِ الأحياء شهد فراغاً مطلقاً ليدعي وجوده، وبذلك تستخدم الفنانة رائدة سعادة هذا التفسير في عملها دليلاً واقعياً وحجة على كذبِ المقولة الصهيونية القائلة “أرضٌ بلا شعب، لشعبٍ بلا أرض”، وتربطها بالنظريات الصهيونية التي نادت بـ “تنظيف البلاد”؛ تنظيفها ممّن وهي فارغة كما تدعون؟

وتستخدم ذلك لتقول أيضاً بأنه “كما أن من المستحيل تنظيفُ وإزالة جبلٍ من وجوده، فإنه أيضاً من المستحيل تنظيف وكنسُ أرضٍ من ذاكرة ووجود شعبها”.

أما المعاني والمدلولات الأخرى التي قد يحملها عملها الفني هذا، فهي تكمن في الأسئلة العديدة التي قد تطرح منه: “فماذا تحاول رائدة أن تكنُس؟”، “وما العلاقة بين هذا الجبل بعظمته وضخامته وبين هذه الآلة الكهربائية الحديثة والضئيلة؟”، “ولماذا الجبل؟ وليس الوادي؟ أو البحر؟ ما الذي تحمله الجبالُ من معانٍ وغموض؟”، “ولماذا جبالُ أريحا والبحر الميت بالذات؟ ألأنها أقدم مدينة شهدت وجوداً بشرياً في العالم؟” .. وغيرها من التساؤلات التي يستطيع كلٌ منا إعطاء إجاباتٍ خاصةٍ بها ولها.