هل رأيتم يوما لوحة فنية على رأس إنسان؟ إذاً لم تتعرفوا بعد إلى مهند!

 

لم  تثني الحروب ولا الغربة والشتات ولا الفقر والحاجة هذا الشاب عن مواصلة درب نجاحه وتميزه المنفرد؛ بل كانت تلك العوامل ما أعطاه الحافز للمثابره والاجتهاد في هذ الطريق ليثبت أن لا شيء يقف بوجه طموح كبير وموهبة تستحق أن يطلع  فجرها في هذا العالم.

مهند خالد عمر شاب فلسطيني الدم والأصل، سوري الإقامة والهوية، ولد في أزقة مخيم اليرموك، ولم تكتف الحروب بإخراج أهله من موطنهم الأم فلسطين، فقد اشتعلت الثورة السورية واضطرته للنزوح مع أفراد عائلته إلى لبنان، لكن برغم كل هذا وذاك لم تضعف عزيمته ولم تنطفئ شمعة موهبته المشتعلة بل زادها بريقا واشتعال.

 

هو عالم نفس، وفي الوقت نفسه حلاق ورسام مبدع ذو يدٌ ماهرة، فكل تلك الاختلافات قد اجتمعت معا لتصقل شخصية هذ الشاب العصامي الذي بدأ منذ نعومة
أظفاره برسم الكاريكاتير وشخصيات الرسوم المتحركة بإتقان، حتى تطور بعد مرة ليبدأ برسم البورتريه، وها هو اليوم يطمح للعالمية إذ اتخذ من مجال الرسم مسلكا جديدا ألا وهو الرسم على رؤوس زبائنه باحترافية عالية ودقة متناهية؛ لتصبح رؤزسهم كجدارية فنية رائعة، وهي تقنية نادره جدا في عالمنا العربي.

يترائى للناظر للوهلة الأولى أنه على أعتاب معرض فني عالمي، لا محل حلاقة في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينين بلبنان؛ نظرا للرسومات الرائعة المرسومة على جدرانه. ذلك المكان الذي تتجلى فيه إبداعات مهند بأجمل صورها، فيقوم أولا برسم فكرته المتفق عليها مع الزبون على ورق وبقلم الفحم، ثم يبدأ بتنفيذها على رأس الزبون حيث تستغرق تلك الخطوة ساعتين إلى ثلاث ساعات أحيانا في الرسمة الواحدة؛ نظراً للصعوبة الكبيرة، فأي خطأ بسيط في شعرة واحدة يمكن أن يفسد فكرة الرسمة، لذلك يتطلب الأمر دقة عالية وتركيز قويا .

دمج مهند دراسته في علم النفس بالرسم، ومن ثمّ بالحلاقة كون هذه المحاور الثلاثة تساعده على فهم شخصية الزبون وما يرغب به.

ويرجع انتقاء الرسمة للزبون وذوقه فكل على هواه، فمنهم أو لنقل غالبيتهم يختارون إحدى الشخصيات الرياضية المفضلة لديهم أو رموز وشخصيات سياسية، ومنهم من يحب الفن وأهله، أما بالنسبة للأطفال فاختياراتهم طفولية بسيطه لا تحتاج تركيزا عاليا ووقتا طويلا، وعلى اختلاف أذواقهم وطلباتهم إلا إن الكل راض وسعيد بما قام الحلاق المميز مهند عمر برسمه على رأسه .

 

ولم ينظر مهند إلى الدخل المادي بقدر ما أراد إدخال السعادة على قلوب زبائنه الذين ساد على مخيمهم طابع الفقر والحاجة؛ فكان تحت خدمتهم وبأسعار زهيده تقاس بالوقت والجهد الذي أخذته كل رسمة منه، وكان كسبه الأهم هو تطوير نفسه وقدراته وإقامة علاقات مع الناس ليستفيد منها مستقبلا.

وجاهداً سعى لتحقيق طموحه بأن يصبح فنانا معروفا، إذ يتمنى تحقيق حلمه وإيجاد فرصته خارج الدول العربية وبالتحديد في الدول الأوروبية التي تقدّر هذا النوع من جنون الفن أجمل تقدير .