صحفة اللبلابي وحضور خاص على موائد التونسيين شتاءً

خلف قدر ضخْم تتوسّطه حبات من الحمّص المسلوق، يتصاعد منه بخار كاد يغطّي المكان، وبجانبه وُضِع قدر آخر لإعداد المرق “والهرقمة”، يحركه أحيانا ويسكب منه القليل في “صحفة” (إناء) لأحد الزبائن كل حسب طلبه.

علي أمضى أكثر من عشرين عاماً في محل “اللبلابي”، حيث يؤدي مهنة أحبها وأعطاها الكثير من وقته، وفي أحد الأزقة القديمة في منطقة “باب سويقة” في العاصمة تونس يصطف العشرات من الزبائن الواحد تلو الآخر في واحد من أعرق محلات بيع “اللبلابي” في تونس، آتين من أماكن بعيدة فقط لتذوق “صحفة لبلابي” تقيهم برد يومهم وتمنحهم دفعاً ونشاطاً أكثر لمواصلة أعمالهم.

يذكر “علي” أنَّ “هذا المحل يعود إلى خمسين عاماً وقد بقي محافظا على أصول هذه الأكلة التّي تعني الكثير للمواطن التّونسي فهي تعيده دائما إلى أصوله وتذكره بتاريخه وعاداته فهي أكثر الأكلات التّي يقبل عليها خلال فصل الشتاء على وجه الخُصوص”. ويقول “الشاذلي التركي”، أحد روّأد المطعم،  “تبقى اللبلابي دائما أكلة الفقير فثمنها في متناول الجميع رغم ما تحمله من فوائد صحية عديدة سيما في فصل الشتاء، فبمجرد تناولها يشعر الإنسان في فصل الشتاء بالدّفء ويقي جسمه من نزلات البرد”.

ويتكوّن طبق اللبلابي من “الحمص والهريسة (شطة) ومرق الهرقمة والكمون والملح والبهارات والبيض وزيت الزيتون وهي مكونات تسكب كلها فوق الخبز المفتت “. 

واللبلابي بحسب المؤرخ التونسي عبدالستار عمامو، طبق تركي الأصل يعود جذوره إلى زمن الدّولَة العثمانية حيث كانت الأكلة الرسّمية للجيش العثماني على اعتبار أنها سهلة التّحضير ولا تتطلب وقتا طويلا ولا تكلفة كبيرة وتنقذ الخبز القديم من الإتلاف حتى يتم اعتماده مرّة أخرى.