الشامي العتيق وحلم بدمشق القرن الماضي يحيا على فيسبوك

تريد العودة لترى دمشق قبل مئة عام؟ من الأمثال الشعبية القصيرة وتفاصيل العادات والتقاليد إلى الكلمات الشامية التي لا يفهمها إلا أبناء تلك الجميلة، وتاريخ الشام العتيقة بالأبيض والأسود وبالألوان.  وشوشات شامي عتيق، صفحة أطلقها المؤرخ السوري المعاصر الدكتور سامي المبيض على فيسبوك. الصفحة تحكي كيف كانت دمشق القرن الماضي، من المواصلات إلى الحياة الاجتماعية  والاقتصادية والسياسية. إن قلنا أن الصفحة تحمل رائحة الياسمين، سيكون هذا رومنسياً حقاً، لكن بمجرد أن تدخل الصفحة، ستعود إلى دمشق، ولو افتراضياً. تحدثنا في بركة بتس مع الشامي العتيق وكان الحوار التالي:

الشامي العتيق” هي صفة أحبها وهي قريبة من قلبي وشخصيتي. الدمشقي الأصيل، أو الشامي العتيق، هو مزيج من حضارات وعادات وتقاليد، ولغة، ونسب، وطريقة حياة. هو مجموعة عبر وأمثال وقصص قديمة استخدمها في حياتي اليومية كنت قد جمعتها من كبار السن والمخضرمين على مدى ما يقارب العشرين سنة.

كنت أزور كبار السن والقدر وبيدي دفتر، أسمع وأدون وأحفظ. قررت نشر هذه القصص الدمشقية على موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) تمهيداً لجمعها بكتاب وكان هذا في نهاية صيف 2014. “الشامي العتيق” ووشوشاته هي حصيلة ما اعيشه في مخيلتي، في حارات الشام العتيقة ومآذنها وكنائسها أسواقها وشخصياتها. أهرب عن طريقها من الواقع المؤلم الذي تمر به سورية اليوم، إلى تلك الحارات العتيقة العبقة بالياسمين الدمشقي وبرائحة عصر رائع، انتمي إليه وأحبه واتمنى أن يعود، علماً انني أعرف أن هذا محال طبعاً. يتهمني كثيرون انني اعيش في حلم، وأن دمشق الخمسينيات لا يمكن ان تعود. هذا الكلام صحيح. ولكن هذا “الحلم” أعطاني سلاح نفسي استخدمه يومياً كل ما اشتدت الازمات بدمشق.

انا أكتب عن تاريخ المدينة ورجالاتها منذ عام 1998. في ذلك العام صدر في دمشق كتابي الأول عن فترة الإنتداب الفرنسي، وتلاه خمسة كتب، جميعها باللغة الإنكليزية مع الأسف، صدر الأخير بداية عام 2012 في لندن عن العلاقات السورية الاميركية ما بين 1918 – 1958. انا ادرس مادة تاريخ سوريا في جامعة القلمون منذ عام 2005، ومؤسس المتحف الأول والأكبر للصور والوثائق التاريخية على الانترنت، www.syrianhistory.com.

عمره اليوم 11 عام وقمنا بجمع ارشيفه من العائلات السورية ومن صناع التاريخ انفسهم، ووقعنا العام الماضي اتفاق تعاون مع مركز الوثائق البريطانية في لندن. وانا اليوم انشر الدراسات الأكاديمية في المجلات المحكمة التابعة للجامعات الكبرفي الولايات المتحدة، وكلها تهدف الى توثيق تاريخ المدينة، وأصبحت منذ فترة قصيرة نائباً لرئيس جمعية أصدقاء دمشق وهي أقدم وأعرق جمعية في عاصمة الأمويين، تهدف الى الحفاظ على المدينة وتجميلها والارتقاء بها على كل الأصعدة.

تفاعل الاشخاص كان رائعا وغزيراً ومنذ الساعات الاولى سجلت الكثير من الملاحظات  الايجابية والسلبية وأود ان استفيد من خبرة اي شخص او معلوماته في تطوير وتحسين ما نقوم به في “وشوشات.” خلال أول 72 ساعة حصدت الصفحة أكثر من 4000 ” لايك” وهذه دلالة على اعجاب الناس بتلك القصص والروايات. اليوم وبعد مرور عشرة أشهر، تجاوزنا الثلاثة والعشرون ألف مشترك.

الحاضر صعب للغاية ولكن الماضي الماضي والمستقبل في أيديهم. برأي الشخصي علينا أن نساهم جميعاً بالوسائل المتاحة لنا في ظل هذه الظروف أن نساعد الناس في تذكر تاريخ بلادنا وشخصياته العظيمة من كتاب وأدباء وفنانين وسياسين فمن ليس له ماضي ليس له حاضر ولا مستقبل. دمشق عمرها 12 ألف سنة. داقت النار من كل أنواع المحن، وخرجت منهم جميعاً، أقوى من قبل.

لا يوجد توجه محدد، فهي تتوجه لكافة الأعمار ،من الجميل والجيد أن نُطلع الجيل الحالي على ما كنا نعيشه أو كما أسميه “العصر الذهبي”، أما بالنسبة لباقي الفئات العمرية وخصوصاً الجيل الذي عاصر وعاش تلك الفترات فانها ذكرى رائعة وجميلة لاستعادة تلك الفترة من خلال وشوشات.

نقوم الآن في جمعية أصدقاء دمشق على المحافظة على التراث اللامادي الباقي، أمامنا مشاريع جديدة و كثيرة إنشاء الله لنقوم بها على هذا الصعيد، كما أنني في طور تأسيس مؤسسة للتوثيق التاريخي تحت اسم ” مؤسسة دمشق للدراسات التاريخية” ستعمل هذه المؤسسة على توثيق كل ما يتعلق بالتراث والتاريخ السوري المرئي والمكتوب والمسموع.

الرأي الذي أوضحته بشأن مسلسلات البيئة الشامية كان رأي شخصي ينطلق من حقائق تاريخية واضحة وجلية للجميع، أما عن الصفحة فهي لا تهدف للتصحيح، تهدف لنقل واعادة إحياء ما اندثر عن  معتقداتنا وعاداتنا وتقاليدنا.

يمكنكم زيارة وشوشات شامي عتيق على فيسبوك أو يوتيوب.