كان يا ما كان .. قصة زيت الزيتون الفلسطيني

تقول الأغنية التراثية: “زيتون بلادي أجمل ما يكونا”.. في كل موسم خريف، وتحديداً في شهري تشرين، يحتفل الفلسطينيون بقدوم موسم الزيتون، حيثُ يعتبرونه عيداً سعيداً يحقّ لهم أن يعيدوا به على بعضهم بكلماتٍ كـ “كل عام وأنتم بخير”. فيه يعيدون الصلة ببداية البدايات، الأرض الأم، ويزيدون من أواصر الصلة فيما بينهم أطفالاً وكباراً، نساءاً ورجالاً.

يستغرق نمو ثمرة الزيتون ما يقارب الأربعة أشهرٍ حتى تكون بكامل استعدادها لتُقطف، ويستخدم الفلسطينيون وسائل عدة في قطف ثمار الزيتون، ولكن الوسيلة الأمثل التي تلائم الثمرة فتجعلها تحافظ على نفسها سليمة نضرة هي عن طريق القطف باليد.

بعد الجني تُجمع الثمار، وتؤخذ إلى المعاصر المنتشرة بكثرة في كل مكانٍ في فلسطين. قديماً، قبل الإنتقال إلى استخدام المعاصر الحديثة، كان الزيتون يعصرُ في ما يسمّى “البَد”، الذي هو عبارة عن حجر دائري يُدار بواسطة المواشي، حتى تدرّ ثمرة الزيتون زيتها الذي يشعّ لونه ضوءاً أخضر يميل إلى لون الذهب، فيكون أوله زيتاً للأكل، وثانيه زيتاً للصابون الفلسطيني، وثالثه زيتاً للسراج والقنديل. ولعمق ارتباط هذا الطقس بالفلسطينيين، فإن أمثالهم الشعبية لا تخلو من ذكر عناصره، فيقولون بقصد التأنيب مثلاً: “بدّك بدّ إللي يبدّك”.

من مساوئ عصرنا الحديث قدرته الدائمة على تقديم كل ما هو مغشوشٌ ورديءٌ على أنه أصلي وجيد. ولم يسلم زيت الزيتون من ذلك، فالمتاجر أينما كانت تمتلئ بزيت الزيتون المغشوش ذا الشوائب الذي يباع على أنه زيتٌ حقيقي، ولا يكون إلا خليطاً من زيوتٍ رخيصة، والذي تقدّر نسبته في الأسواق بـ 60% من نسبة الزيوت المباعة على أنها زيت زيتون حقيقي. ورغم التشابه الكبير الذي ينتج عنه عدم قدرة الكثير من الناس على معرفة الأصلِ من المغشوش، إلا أنه يوجد طرقٌ معينة قد تساعد على معرفة زيت الزيتون الأصلي، منها:

1- يتميز زيت الزيتون الأصلي برائحته المركّزة الشديدة التي يحتفظ بها على مدىً طويل، فلزيت الزيتون رائحة قوية يمكن تمييزها بسهولة حتى وإن تم فرك ثمرة زيتون ناضجة باليد. لذلك فإن أي رائحة أخرى قد تصدر من الزيت غير رائحة الزيتون من الممكن أن يتم تمييزها وبالتالي معرفة أن الزيت غير أصلي.

2- لزيت الزيتون الاًصلي لونٌ يكون ما بين الأخضر والأصفر الفاتح والذهبي بحيث يمزج بين هذه الألوان سوياً. في حالة لم يكن الزيت بهذا اللون فهو على الأغلب ليس زيتاً أصلياً.  

3- يتميز طعم زيت الزيتون الأصلي الذي يبقى لفترة طويلة دون أن يتغير بوجود شيء من المرارة فيه، بالإضافة لوجود قليل من الحرقة، أو ما يسميها الفلسطينيون بالـ “شعطة”. وكلما كانت المرارة والشعطة أشد، كلما كان زيت الزيتون أفضل وأكثر جودة. ويجدر الإشارة بأنه نسبة الحموضة في زيت الزيتون الأصلي لا تتعدى الواحدة بالمئة. لذلك إن كانت حموضة الزيت عالية، إذاً فالزيت غير أصلي.

4- في حالة وجود بعض الشوائب في زيت الزيتون، فإن ترسبها يكون بطيئاً ويحتاج إلى وقتٍ طويلٍ ليصل القاع، بعكس الزيت المغشوش الذي تترسب فيه الشوائب بشكلٍ سريع.

5- يعد ملمس زيت الزيتون الأصلي لزجاً مقارنةً بأنواع الزيوت الأخرى، لذلك يمكن معرفة جودة زيت الزيتون وأصليته من ملمسه ولزوجته.

6- إذا تم وضع زيت الزيتون الأصلي في الثلاجة لفترة ليست بالقصيرة، فإن لونه يكون أبيض أو مائلاً إلى البياض، بالإضافة إلى أنه يكون متجمداً. أم الزيت الغير أصلي والمغشوش، فإنه يبقي على حالته السائلة، بالإضافة إلى أن لونه يكون مائلاً إلى اللون الأصفر.

قد لا يجد العديد من الناس زيت الزيتون الأصلي، وخاصة الفلسطيني منه، بسهولة، لذلك توفر اليوم العديد من المواقع التجارية الإلكترونية، كهذه الصفحة مثلاً، زيت زيتونٌ أصلي مقطوفٍ بأيادي من رعى غصنه وثمره.