التطريز الفلسطيني عودة من الماضي لتزيين الحاضر

لدينا نزعة نحنُ البشر إلى أن نجاري كل ما هو سائد، من مأكلٍ ومشربٍ ولباسٍ واهتماماتٍ وغيرها، فترى مثلاً أن البيتزا تُؤكل في كل أنحاء العالم، وتقدّمُ كطبقٍ محبوبٍ في أغلبِ البيوتِ إن كانت عربية أو يابانية أو أرجنتينية. وترى الجينز يُرتدى حتى في أكثر بقاع العالمِ بُعداً وتهميشاً، مثلاً. ولكن رُغم ذلك، فما يزال كلُ شعبٍ يحاول المحافظة قدر مستطاعه على أدنى ما يملكُ من ثقافةٍ وفولكلورٍ وحضارة، وذلك ببساطة لأن الشعب بلا ثقافة تميّزُه هو شعبٌ فانٍ لا مستقبل له. وحديثاً بدأ يشهد التطريز الفلسطيني الفلاحي إقبالاً كبيراً، ليس فقط في فلسطين، بل في مناطق مختلفة من العالم. حيثُ يحاول أبناءُ الثقافة الفلسطينية، ومحبينها، بث الحياة في كلِ ما هو فولكلوري فلسطيني، بدءاً بالتطريز، الذي بألوانه، وأشكاله، وغُرزه، ما هو إلا إنعكاس للإرث الثقافي والتاريخي الفلسطيني، بالإضافة إلى أنه إنعكاسٌ للطبيعة الفلسطينية في مختلفِ أرجائها على طولِ عرضها، ومن شمالها وحتى جنوبها.

وكلما تفاقم الإحساس بالتهديد القائم على ثقافات وفولكلور شعبٍ ما، كلما زاد تمسكُ وتعلّق هذا الشعب بثقافته، وتاريخه، وموروثه، وكلما حاول بشكلٍ أكبر إحياءهُ وتسييره ليتماشى مع قواعد وقوانين الزمن الحديث، فإحياءُ التراثِ لا يعني أبداً ولا بأيِ شكلٍ الرجوع بالبشر في الزمنِ إلى الوراء.

وهذا بالضبط ما يشهده التطريز الفلسطيني الفلاحي القدبم في الآونة الأخير، فقد بدأت تدخلُ الغرزات والألوان الفلسطينية في العديد من تصميمات الملابس المصممة في فلسطين، فيحاولُ العديدُ من الفلسطينيين إدخالها على ملابسهم بأي طريقةٍ أو شكلٍ كان. فقد إنتشرت مثلاً في الفترة الأخيرة لدى الفلسطينيين ظاهرة إرتداء الوشاح المطرز، والذي يوجدُ منه العديد من التصاميم والأشكال والألوان المختلفة.

ولا يقتصرُ ذلك على اللباس الرسمي، أو المناسبات والحفلات العامة، بل يمتدُ أيضاً إلى الملابس اليومية التي أصبح العديدِ منها يحتوي تطريز فلسطيني، سواء على أكمام البلايز أو السُتر مثلاً، أو على قبتها، أو قاعها، أو جوانبِ التنانير والفساتين وحتى البناطيل، وبشكلٍ يحاكي مجالات الموضة الحديثة.

وما يميّز هذا الأمر أنه لا يقتصرُ على الملابس الفلسطينية أو المصممة في فلسطين، بل يشهدُ عالمُ الموضة حديثاً اهتماماً بالتطريز، ما فتح الأبواب واسعة أمام التطريز الفلسطيني الحديث ليثبت نفسه في سوق الأزياء العالمي. لذلك بدأنا نشهدُ اهتماماً بالتطريز الفلسطيني الحديث، بالإضافة إلى التطريز الفلسطيني الفلاحي والقديم، خارج حدود فلسطين، أو حتى من قبل مصممي أزياءٍ غير فلسطينيين.

وأحلى ما في الأمر، أن هذا الإهتمام بالتطريز الفلسطيني لا يجدُ صداه فقط بالأزياء والملابس، بل أيضاً يتعداه ليكون جزءاً من كلِ شيءٍ تقريباً. فنراه في الآونة الأخيرة يدخل في الإكسسوارات والمكملات، من شنطٍ وخواتم وأساور وقلائد وأحزمة، بل حتى أحذية وصنادل، بأشكاله وألوانه المتعددة، من تطريز فلسطيني فلاحي، وحتى تطريز فلسطيني حديث. ويدخلُ أيضاً في مكملات البيوت، من صوانٍ وتحفٍ ووسائد وأطباق وغيرها.

وفي الحقيقة، فإن من أجمل الهدايا التي من الممكن إهداؤها اليوم إلى أي شخصٍ في العالم هي الهدايا التي يزينها ويجمّلها التطريز الفلسطيني، لأن فيه جمالية مميزة وفنٌ بسيط وفريد. ولهذا بالضبط، يقام اليوم عددٌ كبيرٌ من المعارض لعرض وتقديم هذا التراث وهذا الفن. ويشهد عالم التجارة الإلكتروني العالمي إقبالاً كبيراً من كافة بلدان وثقافات العالم على شراء هذه المنتجات التي تُعنى وتعكسُ جمال التطريز الفلسطيني، الحديثِ منه والمعتّق.

لذلك، إن إحترت بالطريقة التي ستجعلك مميز/ة في اختيارك لملابسك أو مكملاتها، أو الوسيلة التي ستساهم في أن يكون لبيتك رونقه وأسلوبه الخاص والمميز، أو حتى بالهدية التي ستبقى لدى صاحبها للأبد ذكرى وتذكار منك، ما عليك إلا اختيار شيءٍ يميزه ويحلّيه التطريز الفلسطيني، خاصة أنه لم يعد صعباً الحصول عليه في أي بلدٍ كان بسبب توافره في مواقع التجارة الإلكترونية بأسعارٍ جيدة ومناسبة، وإسأل مجرّب :).