موسيقى الناي الشرقية تتألقُ بين أصداء الكمنجات الغربية في موسيقى ني نوا

موسيقى ني نوا.. هذه الموسيقى التي يتجلى فيها سحرُ الناي الشرقي، ترافِقه وتلحقه أصداء أوركسترا الكمنجاتِ الغربية. ألّف هذا الكونشرتو الموسيقي الإيراني حُسين عليزاده عام 1983م، لتكونَ موسيقاه سماءٌ رحبة للقاءِ الشرق والغرب معاً وتلاؤمهما. هذا التلاؤم لم ينتج فقط من اندماجِ ألحانِ واحدٍ من أهم الآلات الموسيقية الشرقية برنين الكمنجات الغربية، بل نتج أيضاً من التناغم بين نمط الموسيقى الكلاسيكية الغربية والمتمثلة بالدقة والتِقَنية، ونمط الموسيقى الشرقية المبنية على الإرتجال والتقسيم والذي شُبعت بِه كونشرتو “ني نوا”.

و”ني نوا” تعني حرفياً “لحنُ الناي” أو “صوتُ الناي” وذلك من ناحية، أما من ناحية أخرى، فإن “نوا” من الممكن أن يُقصد بها مقام النوا الشرقي والذي ارتكز عليه عزفُ الناي في هذا العمل الموسيقي. ومقام النوا بشكلٍ عام يخلق في نفس السامع الشعور بالروحانية والعِبق، ولكن هذا الشعور ما كان ليكتمل بصورتهِ المثالية التي هو عليها عند سماع “ني نوا” لولا صوت النايِ الذي يحمل في ثناياه عبق الأزمنة الغابرة، وألحاناً نابعة من الروح والأعماق.

وتعد “ني نوا” اليوم إحدى أهم المقطوعات الموسيقية الإيرانية وأكثرها شهرة، لذلك يتفق الكثيرون في أن عليزاده قد نجح في سعيه لخلق هذا التمازج ما بين تراثين مختلفين إحداهما شرقي والآخر غربي، خاصة وأنه قد لجأ إلى الموسيقى والتي من أهم تأثيراتها على البشر هو خلقها في أنفسهم إحساساً من التواصل والإندماج والثقة والوحدة.

إلا وأنه في الآونة الأخيرة، انتشر بشكل كبير خطأ ناتج من التشابه بين لفظ إسم هذا العمل الموسيقي وهو “ني نوا”، وإسم المدينة العراقية العريقة “نينوى”. وبدأت تحاكُ القصص عن إكتشاف ألواح حجرية في نينوى الآشورية مكتوبٌ عليها نوتات موسيقية، وبعد فك رموز هذه النوتات، ظهرت لنا هذه المقطوعة. إلا أنه لا يوجد أي دليل فعلي على هذه الأقاويل، وإن هذا اللبس نتج بالأساس من تشابه اللفظ لدى المُسميين لا أكثر.