بطل مسلسل الندم عروة إبراهيم يخاطب الناس عبر صفحته على فيسبوك!

مسلسل الندم هو تمثيل درامي موجع لغصة الواقع السوري حيث لا يمكن للمتابع الفرار من عيش أحداثه جنبا إلى جنب مع عروة إبراهيم الغول الذي يمثل محور المسلسل وبطل الحكاية. يدعوك عروة أيها المتابع لمشاركته أرجوحة الذكريات التي ستأخذك مرارا وتكرارا إلى الماضي ثم تفاجؤك بالحاضر الرمادي. تبدأ الأحداث ليلة سقوط بغداد وتستمر الأرجوحة في حياكة القصة بعد تأرجحها بين أزمات عائلية وعاطفية كثيرة منها موت زوجة عروة التي لم تكمل الخامسة والعشرين، والكثير من القصص التي تكاد أن تكون حقيقة بالفعل والدليل هو أنت وكم ستتعلق بالمسلسل بعد مشاهدته!

 

نحج الممثل السوري محمود نصر في تمثيل شخصية قمة في الغموض كان اسمها عروة، وما جعل من عروة شخصية واقعية أكثر فأكثر هو استخدامه لفيسبوك خلال المسلسل؛ إذ كان يكتب منشورات مثلنا تماما، ويجيب على الرسائل مثلنا تماما، ويثيره بعض الأشخاص بتعليقاتهم مثلنا تماما! كل من أحب شخصية عروة التي يكسوها وباقي الشخصيات رداء الندم سيبحث عن حساب عروة بلا شك! تماما كما فعلت أنا.. فقد بحثت حقا عن حسابه على فيسبوك لأجد صفحة يفوق عدد متابعيها آلاف المتابعين! كما أن الصورة الشخصية للحساب هي نفس الصورة الشخصية لحساب عروة على فيسبوك في المسلسل؛ لذلك لا أخفيكم أني تحمست كثيرا وسارعت بطلب صداقة هذا الغامض!

 

هل تظنون أن المشرفين على المسلسل قد يبقون على الحساب الأصلي لعروة؟

لقد تراوح تفكيري بين نقطتين، قد يكون للمشرفين على المسلسل مصلحة في الإبقاء على حساب عروة الذي تم استخدامه خلال تصوير المسلسل، لربما كان ذلك لجعل الشخصية حية واقعية لم تمت بموت المسلسل! أو أن أحد المعجبين بشخصية عروة قد أنشأ الصفحة واختبأ خلف شخصيته. كان الواقع كان يدعم الفكرة الثانية، فقد قام أحد المتأثرين بشخصية عروة بإنشاء تلك الصفحة لأسبابه الخاصة.

 

بعد تواصلي مع مدير الحساب تبين لي أنه شاب عراقي يبلغ من العمر 22 عاما وأن الصفحة قد أنشئت بعد متابعته الحلقة الثالثة من المسلسل، لكن ما السبب؟ هل هو تأثر فحسب؟ أم أن هناك هدفا آخر كان يرجوه هذا الشاب من خلق حساب يتقمص فيه شخصية عروة حتى في طريقة الرد على التعليقات؟!

حسب قوله كانت الإجابة على السؤال السابق:”أنا شاب أحب كتابة الخواطر، وقد أنشأت صفحة في السابق لأنشر عليها كتاباتي لكني لم أنجح لأني لست معروفا بين الناس، أما بعد متابعتي الحلقة الثالثة من المسلسل قمت بإنشاء الصفحة على الفور وفوجئت بعدد المتابعين الهائل والذي كان سببا في نجاح كتاباتي”.

 

لكن هل من تفسير نفسي لهذا التقمص؟ هل وجد مدير الحساب نفسه في شخصية عروة الحزينة والتي كان الفقد نصيبها الدائم؟

أجاب الشاب بأن “شخصية عروة تشبهنا كلنا، فكلنا معرضون للبقاء وحيدين في نهاية النفق، بلا أهل أو أحبة!” ومن وجهة نظري لا يختلف الوضع العراقي عن ذلك السوري بشكل كبير، فهم أخوة الألم ورفاق الإبداع، كما أني أعتقد أن من الذكاء ما قام به صاحبنا العراقي، لأنه بهذه الخطوة قد أعطى أملا لكثير ممن تابعوا المسلسل بإيجاد الشخصية التي لمست قلوبهم على الأقل في عالم افتراضي يسمى فيسبوك! لربما حقق هذا الحساب نجاحا في نقل صورة الواقع السوري الذي لم ينته بعد، يفوق نجاح المسلسل الذي لم يتجاوز عدد حلقاته ال30 حلقة! كان بإمكان عروة إكمال مسيرة الندم بمساعدة هذا الشاب العراقي المبدع الذي حاز على تقدير محمود نصر إذ راسله على حساب عروة وعبر له عن حبه وتقديره!

 

هل ما زالت الصفحة موجودة؟

قبل أسبوع من الآن قام الشاب العراقي أو مدير حساب عروة إبراهيم بنشر المنشور الأخير على الصفحة والذي قام بتوجيهه إلى حبيبته رهف مختفيا بعد نشره في ظروف غامضة تطابق ظروف انتهاء مسلسل الندم، فيا له من غموض يلف غموضا!

 

هل هي عبقرية الممثل؟ أم رغبة مكنونة في نفس المتابع؟

بعد حديثي مع الشاب العراقي، دار في ذهني هذا السؤال: هل يعزى نجاح الصفحة لنجاح الممثل في دور عروة؟ أم لأن الناس يتوقون للتعلق بقشة من الواقع حتى لو كانت افتراضية، أو مجرد شخصية في مسلسل؟ ولا أنكر أن دور عروة هو من أهم الأدوار التي قام نصر بتقديمها في السنوات الأخيرة؛ حيث كان الندم من أهم مسلسلات رمضان 2016 وأكثرها متابعة، لكني أجزم أيضا أن كل من تابع المسلسل تعلق به أكثر من اللازم وعاش معه كأنه فرد من أفراد الطاقم! لأن كلا منا مر بتجربة حب موجعة، فقد أخا، واجه مشاكل عائلية قد لا تنتهي على نحو يسير، أو رأى بلادا كالياسمين تتفتت تحت ناظريه وهو عاجز، خائف يختبئ وراء ألف باب حتى يبقي على صورتها الجميلة في قلبه وذاكرته. وأنا واحدة من هؤلاء، أردت بحق أن أجد عروة على الفيسبوك وأن أخبره أشياء كثيرة عن فلسطين عسانا نكتب مسلسلا جديدا عن فلسطين وسوريا، ثم كانت خيبة الأمل، لا وجود لعروة إلا في الندم.