زها حديد..اقتحمت العالم لتصبح أسطورة فن العمارة

زها حديد، اسم يحمل بين حروفه قصة نجاح مصممة عراقية ولدت في بغداد 31 أكتوبر (تشرين الأول)1950، وهي امرأة تميزت بشخصية قوية وإرادة جبارة وطموح عال.

وإذا كانت الأسماء تشي بصفات أصحابها، فإن زها حديد بالفعل امرأة من حديد، وإلا لما استطاعت فرض وجودها في عالم معروف بصعوبة اختراقه حتى على الرجال، فما بالك بامرأة شرقية؟ لا يعود نجاح زها إلى الموهبة والكفاءة والمثابرة فحسب؛ بل هو نتاج كفاح طويل لامرأة قوية، منطلقة ومدمنة على العمل.

شقَّت زها طريقها إلى عالم العمارة بيديها الخلاقتين وفكرها المستنير فقد علمتها الحياة أن عليها تغيير أسلوب تفكيرها بين الفينة والأخرى لتتناسب واللحظة التي تعيشها.

عجباّ لامرأة غزت عالم الرجال، تقول زها:” ما يقارب النصف من طلبة الهندسة المعمارية هن من الجنس اللطيف” مما يشير إلى عدم وجود تضارب مع الجنس الاخر في هذه المهنة؛ فحسب قول زها تبدأ الفوارق بين الجنسين بالظهور على السطح كلما تقدم الشخص في الدراسة أو العمل، وهنا تكمن الصعوبة بالنسبة للمرأة.

اختيرت زها عام 2010 كرابع أقوى امرأة في العالم بحسب تصنيف مجلة التايمز، ولم تتقدمها سوى ثلاث نساء امتلكن المال فقط. ويعود بذلك الفضل للشخصية القوية التي تتسم بها حديد لما أمتعت العالم وجمّلته وأبدعت فيه بتصاميم مدهشة استبعدت منها نقاط الضعف، وتميزت فيها بقوتها وقدرتها كصانعة لمجموعة من أجمل تشكيلات ومنحوتات العمارة في العصر الحديث.

وحصلت زها على جائزة بريتزكر الشهيرة في مجال التصميم المعماري، حيث تعادل قيمة هذه الجائزة قيمة جائزة نوبل، وبذلك أصبحت زها أول امرأة تفوز بها منذ بدايتها. ومن أشهر مشاريع حديد وأكثرها غرابةً وإثارة للجدل مرسى السفن في “باليرمو” في صقلية، والمركز العلمي لمدينة “وولفسبورج الألمانية” وكذلك المسجد الكبير في عاصمة أوروبا “ستراسبورج”، ومنصة التزحلق الثلجي في “أنزبروك” وتصاميمها في المنطقة العربية كجسر الشيخ زايد في الإمارات، و تصميم متحف الفنون الإسلامية في الدوحة ودار الأوبرا في دبي.

ورغم وفاتها في مارس 2016 إلا أن تصاميمها ما زالت قيد التطبيق لشدة روعتها ومنها تصميم لأكبر مطار في العالم ستحتضنه العاصمة الصينية بكين، تبلغ مساحته 7.5 مليون قدم مربعة ويتسع لما يقارب 45 مليون مسافر سنويا، كما سيعرض خدمات جديدة ومميزة بأقل مسافات مشي ممكنة. من المتوقع أن ينتهي العمل على إنشائه في عام 2017.

إن كان يمكن لتجربة نجاح أن تكون ملهمة بحق، فإن تجربة زها حديد من أكثر التجارب إلهاما، ليس للمرأة العربية فقط بل لكل نساء العالم، فقد اقتحمت زها مجالا قد كان حكرا على الرجال، وكانت امرأة عربية تنافس في مجتمع أوروبي ثم عالمي، وبشروط صعبة وبتصاميم مستفزة وصادمة.

سر نجاح قصة حديد مكشوف إذا أمعنّا النظر، وهو الإبداع والتحرر من أنماط التفكير التقليدية، إلى جانب الإصرار والإرادة والعناد.