عبير: اسمٌ لفتاة ارتبط بصناعة اكسسوارات من الورد

أكدت دراست عديدة أن كل شيء يسعى إليهِ الإنسان ويعمل من أجله يكون بدافع من أعماق أحاسيسهِ وعواطفهِ، وبما أن الإنسان كائن ينبض بالروح وكيان مُفعم بالحيوية، فإن الأشياء التي يصنعها تؤثر عليه بالطريقة التي يراها ويلمسها ويشعر بالسعادة أو التعاسة لأجلها، لذا فكائن كهذا يستحق بالفعل أن تسكن فيه روحٌ وريحان، لأن صفاته عكس صفات الآلة تماماً فهي تفتقر إلى قدرة إنجاز مهامها ذاتياً، ولا تسير إلا وفق تصرفاتهِ ودوافعهِ هو لأنها ببساطة من صنع يدهِ!

بدأت تجربتها منذ عام وثلاثة أشهر تقريباً، حيث بدأت بعدما أنهاء دراستها بالتفكير في إيجاد مشروعٍ يكون الإبداع أول مصادره، لذا فقد تناوبت على مخيلتها الكثير من المشاريع الصغيرة؛ لكنها كانت بحاجة إلى شرارة تُشعل بها شمعة من شمعات الإلهام لتُكشف بنورها عن حلمها المختبئ. “في إحدى الليالي، كنت أتحدث مع صديقتي فأرسلت لي بعض الصور لأشياء بسيطة تحمل الكثير من الجمال والرقة، وكانت مُطورة من الورد الطبيعي، فما كان ردي إلا أن انبهرت بجمالها! حينها انجلى لي الطريق واضحاً لأركض صوب حلمي لمعانقتهِ والأخذ بيده”. وفجأة وعن طريق الدعابة كشفت لصديقتها “عرفت شو بدي أعمل.. عرفت شو المشروع!”. تثني على صديقتها بالجميل فتنصفها وتقول بأنها كانت أول من شجعها و أول من وقف بجانبها و أول من اقتنى لها الورود. عبير؛ تلك الفتاة العشرينية من فلسطين تسكن في مدينة طولكرم، حاصلة على شهادة الدبلوم في التصميم و تمارس صناعة الأكسسوارات الرقيقة المصنوعة من الورد – تحكي لنا بنبرة صوتها عن تجربتها الراقية وإحساسها العميق تجاه حرفتها الإبداعية هذهِ، فتقول:

 

“أحب الفنون وأن عملي هذا يُعد من أنواع الفنون، ولأنهُ يحتاج إلى الكثير من الرقة والإحساس والدقة والمتابعة والبحث عن أشياء أخرى جديدة. أقتني من القلادات أجملها، و أضع الورود بين قطعتي زجاج بعد تجفيفها بعناية شديدة، لأن جمال الورود يكمن في رقتها، وهناك بعض القلادات أصب مادة زجاجية عليها مع مراعاة تفاصيل الأغراض الجمالية. يقيناً يحتاج هذا العمل إلى الكثير من الوقت والكثير من المراحل ليخرج بهذا الشكل، أحب أن أهتم بأدق التفاصيل، وعند الانتهاء منها أغلفها بكل حب ورقة لأسعد من يود أن يقتنيها بأدق تفاصيلها، لأشعرهم أني أهتم بهم فهم ليسوا زبائن عاديين بل ذوي مشاعر وأحاسيس وأنا أساعدهم في تجسيد تلك المشاعر والأحاسيس برقة الورد.

استخدم أنواع عديدة من الورود، وما زال هُناك الكثير من الأنواع التي لم أجربها بعد، بما أن عملي يعتمد كُلياً على الورود لذلك أحتاج أن أجرب أنواع عديدة من الأزهار؛ لأني جربت العديد من الأنواع واكتشفت أن البعض منها يفشل في تلبية الغرض، وهناك أنواع تحتاج عناية مُكثفة أثناء فترة تجفيفها لأحصل عليها وفق ما يتطلب العمل وللمحافظة على لونها الجميل البهي، فالورد يحتاج إلى تجارب كثيرة ولا يتم تجفيف كل أنواعه بنفس الطريقة لذلك فأنا مستمرة على هذا المنوال حتى يأتي اليوم الذي أكون بقدومه قد جربت فيهِ كل انواع الورد.

يُمكن للمُحبين أن يختاروا نوع الورود التي يفضلونها لأحبائهم إن توفرت لدي، وإن لم تتوفر لدي أحاول توفيرها لهم قدر الإمكان، وهناك أيضاً من يكتفون باختيار اللون المفضل لديهم. أحب أن أرسم البسمة على شفاه ممن يقتنون مصنوعاتي الصغيرة؛ فهي ليست شيئاً عادياً بالنسبة لي؛ لأني أضع فيها أشياءً من جمال العالم، وهل يختلف هذا العالم الكبير على جمال الورود؟! أحب عملي جداً لأنهُ ليس شيئاً تقليدياً بل مُتجدد دوماً، وهذا أحد الأسباب التي تدفع حبي لهُ مع دوام جديدة باستمرار، ويحتاج أيضاً لكثير من الشغف والعناية مع مراعاة التفاصيل الرقيقة والأنيقة”.

لمتابعة صفحتها على الفيسبوك ريشة و ورد