على الدراجات الهوائية من لندن إلى مكة!

يواصل 8 شبان بريطانيين مسيرهم على ظهور الدراجات الهوائية بعد أن شدوا الرحال مِن لندن نحو بلاد الحرمين على طول المسافة بين البلدين قاصدين موسم الحج لهذا العام، حيثُ يأمل الشبان أن يُضافوا إلى قائمة أول حجاج من المملكة المتحدة يقصدون البيت الحرام على الدراجات الهوائية مروراً بخمس دول حول العالم هي: فرنسا ثم سويسرا فألمانيا واليونان ومصر.

وقد مضت ستة أسابيع على انطلاقتهم من مسجد شرق لندن مُتأهبين لمسافة طويلة تَبلُغ 3,500 كم وسط ترحيب كبير من المارة على محاذاة الطريق الذي لا يخلو من المناطق المُرتفعة والمعابر الحدودية، فقد كانوا متأهبين لمواجهة التحديات العديدة التي ستُصادفهم في الطريق ومنها وعورة الجبال في أوروبا ودرجات الحرارة المرتفعة في أرض الحرمين التي تصل إلى 45 درجة مئوية. وبخصوص الحديث عن الهدف الرئيسي من الرحلة؛ يأمل الحجاج الرُحّل أن يجمعوا في طريقهم تبرعات مادية قدرُها 1 مليون يورو كزكاة لدعم متضرري الأزمة السورية؛ إذ سيخصص المبلغ لدعم المشاريع الطبية ومسلزماتها من سيارات إسعاف وغيرها، ولتنمية المشاريع القائمة في سوريا.

عبد الواحد؛ أحد الرُحّل الثمانية والمتحدث بالنيابة عنهم يُطلعنا عن أهداف وأحداث الرحلة وعن التوقعات والتحديات التي تنتظرهم في الطريق، حيثُ يقول بأنهم “قد تعدَّوْا بعض التجارب المتوقعة خلال مرورهم بفرنسا” ويضيف بأنهم “يعلمون بديهياً أن هناك مناطق وعرة ومرتفعات تُخبئ لهم بعض المشاق في طريقهم، ثم أردف قائلا “رحلة جماعية كهذة من شأنها أن تكون صعبة، فقد نواجه عقبات لم نتوقعها نحن أيضا”. جدير بالذكر أن 7 مشاركين من شرق لندن قد انضموا لجمعهم لاحقا.

وكشف عبد الواحد بعض ما حصل معهم خلال طريقهم نحو باريس بأنهم قد واجهوا بعض الممارسات اللاأخلاقية التي مارسها قلة من السكان المحليين في باريس مثل قذف قناني الماء البلاستيكة عليهم وإلقاء الشتائم؛ لكن رغم ذلك فقد لاقوا كماً كبيراً من ردود الأفعال الإيجابية من جانب السكان المحليين، مشيرا إلى أن الفرد لا يُمثل مجموعة من الناس بل يُمثل ذاته فقط؛ لذلك فقد أعطتهم هذهِ التجربة حوافزَ تنعش العزيمة وتثني على الصبر للمضي أسرع نحو هدفهم.

عبد الواحد؛ ذلك الشاب البريطاني الجنسية البالغ من العمر 31 عاما، يعمل كعامل إغاثة بدوام كامل، وقد اعتنق الإسلام قبل 11 سنة من الآن ومنذ ذلك الحين وهو يُفكر في شد الرحال نحو مكة بعد أن وضع خطة لمسار الرحلة؛ لكنه لم يعتمدها في ذلك الحين فتركها ليعود إليها مرة أخرى في عام 2015 بعد تجربة رحلتهِ الهوائية من لندن باتجاه باريس، حيث كانت تلك الرحلة ملهمة له ولأصدقائهِ المشاركين برحلتهِ هذهِ إلى مكة. أعرب عبد الواحد عن رغبتهِ الشديدة في مُمارسة شعائر الحج بما أنهُ مُسلم جديد قائلا “إن الحج هو أحد أركان الإسلام وأنهُ على قدر استطاعتهِ ما دام مُتمكناً مادياً وجسمانياً”. مشيرا إلى أن رحلته هذه ستكون من أفضل رحلات حياتهِ لما ستُضيفه إليه من هاجس معنوي وتاريخي لقاء تشجيعه الأمة الإسلامية على مواجهة التحديات واستدعاء تصورات طريق القدامى في الماضي نحو مكة.

كيف كان الأوائل يشدون الرحال نحو مكة؟

كان الحجاج في قديم الزمان يبدأون بالتأهب لموسم الحج بمجرد انتهاء عيد الفطر، وكانوا يُجهزون الجمال والإبل لامتطاء ظهورها؛ حيث كانت الوسائل الأساسية للترحال والسير مسافات طويلة. كما كانوا أيضاً يعدون أمتعة السفر من مأكلٍ ومشربٍ وحتى أكفانهم؛ حُسباناً لملاقاة القدر في الطريق المحفوف بالمخاطر والوعورة وقطاع الطرق. كان مُرشد الرحلة لدى العرب قديما يسمى دليلة، وكانت المدة التي تحسب لقطع الطريق ليست بقصيرة إذ يمكن أن تصل إلى أربعة شهور: شهر ذهاب وشهر إياب وشهر يقضونه في الديار الحجازية المقدسة.

ويقول عبد الواحد أن الرحلة لن تمر بتركيا نظرا لمرور المنطقة باضطرابات أمنية إثر تأزم الوضع السوري؛ لذا لن يكون لتركيا أو منطقة البحر الأبيض المتوسط نصيب من الرحلة برا أو بحرا، إذ سيتم اختصار ذلك الممر غير الآمن برحلة جوية من أثينا إلى مصر.